في يونيو اللي فات شاب و أخته تعدوا حواجز الأمان الموجودة في متنزه يلوستون الوطني "Yellowstone National Park" المتنزه ده عبارة عن مجموعة ينابيع ساخنة جدا تعتبر الأكبر من نوعها في العالم و بيزورها سنويا سياح كتير, المهم إن الشاب ده حاول يختبر حرارة إحدي الينابيع الساخنة دي و لسوء حظه أو خلينا نقول قدره إن رجله تتزحلق و يقع في البحيرة الساخنة دي و يختفي تماما ! أخته لما شافت المنظر بدأت تصرخ و فعلا وصلت قوات الإنقاذ ولكن للأسف بوادر العاصفة كانت قربت و البرق ظهر و ده اضطرهم لتأجيل عملية الإنقاذ بسبب خطورة الوقوف في منطقة مكشوفة أثناء العاصفة الرعدية .
تاني يوم حضرت كل قوات الإنقاذ لمتابعة البحث عن الشاب ده علي أمل إنهم يلاقوه في أي مكان خصوصا إن البحيرة مش عميقة جدا و لا واسعة لكنهم اتصدموا لما تأكدوا إن جثة الشاب ده تحللت تماما بالكامل و أدواته كمان معاه و ده للأسف عرفوه من كام يوم بس .
أثناء الحادث ده كان فيه سائح بيصور و التقط المشهد كامل و لكن تم اقتطاع تفاصيل كتير منه حفاظا علي مشاعر أسرته و بالتأكيد أخته اللي حضرت الواقعة.
قدر الشاب ده إنه يقع في أكثر بحيرات المتنزه حامضية pH 3 تقريبا علي عكس باقي البحيرات اللي معظمها إلي حد ما قلوية و مش بس كده دي كانت أكثرهم سخونة علي الإطلاق و درجة حرارة المياه فيها بتتعدي درجة الغليان مش بس كده البحيرات دي مليئة بالعناصر و المعادن السامة إلي جانب نوع من البكتيريا اللي بتعيش في درجات حرارة عالية و ده اللي بيخلي المياه في غاية السمية يعني لو نجيت من سخونة المياه فبالتأكيد مش هتنجو من السموم اللي فيها و لو نجيت من السموم دي فغالبا مش هتنجو الأحماض اللي فيها.
سبب ارتفاع درجة حرارة المياه في الينابيع الساخنة عموما هو قرب المجما Magma أو الصهارة -صخور منصهرة- من سطع الأرض و بالتالي بتسخن الجزء اللي فوقها مباشرة و مع وجود مياه جوفية و شروخ في الصخر المياه بتلاقي طريقها و تندفع علشان تكون اليانبيع دي لكن تخيل بقي إن تحت متنزه يلوستون Yellowstone National Park أكبر خزان للمجما Super Volcano و معرض في أي وقت للخروج و للإنفجار و ساعتها محدش هيقدر يوقفه.
ألوان المياه في المتنزه رائعة جدا و تشبه لحد كبير ألوان الطيف المختلفة و السبب هو البكتيريا اللي بتعيش في درجات حرارة مرتفعة و اسمها العلمي Thermophile أو المحبة للحرارة, ليها أنواع كتير و كل نوع منها بيعيش في نطاق معين من درجات الحرارة و لأنها بتعتمد في غذائها علي عملية البناء الضوئي بتفرز أصباغ بألوان مختلفة علشان تاخد من الشمس الضوء الازم لإنتاج غذائها و ده اللي بينعكس بشكل مباشر علي تدرج الألوان الرائع ده في المياه
كتبه :
أحمد عباس
المصدر من
هنا
