الرئيسية / المقالات /
14689 مشاهدة08 مارس 2018

ملخص كتاب | مذكرات قبو - STJEGYPT

ملخص كتاب | مذكرات قبو - STJEGYPT


رواية (مذكرات قبو) لـديستوفسكي
وتقع في 207 صفحة، وتدور حول سجال فلسفي حول مكنون الطبيعية الإنسانية، وهذا يُفسّر إعجاب بعض الفلاسفة والمفكرين بها كأمثال فريدريك نيتشه.
ملخص مذكرات قبو
والرواية تنقسم إلى فصلين، الفصل الأول هو سجال فلسفي مع الذات، وتعتبر تقريباً ربع الرواية، والشق الآخر هي تفاصيل الرواية: (ألتقيت وذهبت وقلت وقالوا لي إلخ..)، والمتعب في طرح ديستوفسكي أنه أحياناً يتناول بعض المواضيع بطرح سفسطائي، أي أنه يأتي بالشيء ونقيضه، ومن الأمور التي ذكرها ديستوفسكي أن الإنسان لا يكون إنسان إلا بتوفر الإرادة الحرة لدية وليس بأن يعمل جاهداً تجاه مصلحة الذاتية أو الخاصة، فالطبيعة البشرية تقتضي من الشخص أحياناً أن يعمل أمر في اتجاه معاكس لمصلحته الشخصية لمسوغات معينة عامداً لذلك، ولو جُعل العقل هو الحاكم على البشر وقيدت الأهواء تقيد مطلقاً به، لأصبحنا نعيش حياة وفق المعادلات الرياضية (كل شيء قد حُدد سلفاً)، وكان هذا الطرح هو مساجلة قد رد فيها على مبدأ تشيرنيتشسيفسكي الأنثروبولوجي في الفلسفة. وقد عرف الحب كذلك على أنه خضوع طوعي لاستبداد الطرف الآخر!

وبطل الرواية دائماً ما يتم التسفيل به، ويضع نفسه في مواطن تحط من قدره وتجعل مثار للسخرية أو الاستهزاء أو الازدراء، والجميل أنه متسق مع ذاته متصالح معها وصريح معها إلى أبعد حد، وهذا غالباً ما يبعث على الضحك، فالصراحة المبنية على التصالح مع الذات غالباً ما تجعل الأطراف الأخرى تضحك لأنها خلاف المألوف!

وأسلوب الرواية وكذلك أسلوب الترجمة أحياناً تؤثر في القارئ، إعجاباً أو محاكاتاً، وهذه الرواية أسلوب الكلام فيها قد يجعل الشخص يُحاكيه خصوصاً إن كان يحب التفكه أو التهكم.

كذا بطل الرواية تحدث بشكل مُستطرد مع أحد الساقطات، -وهنا تتأمل قوة أسلوب ديستوفسكي في السجالات النفسية-، كيف يمكن أن يوظف شخص ما جملة من حوار ليعرف نقطة ضعف الطرف الآخر، ليشن هجوم مباغت ضده حتى ينهار الطرف الآخر، وهذا يذكرنا بما جاء في كتاب (فن أن تكون دائماً على صواب) للفيلسوف الألماني أرثور شوبنهاور الذي يقول فيه أن المحاورة هي أشبه بمبارزة، من خلالها تعرف نقاط ضعف خصمك وتستغلها لصالحك، كما أن حوار البطل مع الساقطة، يحمل دلالات معينة قد يستفيد منها الشخص في الدعوة لأفكاره، وهي أن بعض المذنبين لا يمتثلون أحياناً للدليل النقلي الذي يثبت خطئهم، بل لابد من الدليل العقلي المنبثق من الواقع ومن التجارب ومن المآلات، فأحياناً لما تقول للمدخن أن التدخين لا يجوز شرعاً قد لا يتأثر بخلاف إن أتيت له بإحصائيات عن السرطان وكم نسبة المدخنين من مرضى السلطان وكم تكلفة علاج السرطان وما هي الحياة التي سوف تعيشها إن أصبت بالسرطان!

وكذلك عمد إلى عمل المقارنات والتسويق للبديل، فحتى أنت الواقف على الأرض المحايدة، قد تتشوف زيادة عن اللزوم للزواج! لحسن ما سوق له مقابل الدعارة، بعمل مقارنة مابين السعادة والتعاسة في الأمرين!

واللافت للانتباه في ديستوفسكي، أن نبوغه في علم النفس، أظن نابع من أمرين –يظهر لي من قراءة بعض الروايات الأولى ديستوفسكي أنه لم يكن بذاك في هذا التخصص- ولكن يبدو أن التغيرات التي طرأت عليه جعلت يكتسب قدرة تأملية كبيرة، أي أنه اكتسب هذا بالشق النظري والتطبيقي، وأما التطبيقي مثل مروره بتجربة الاعتقال ثم الإعدام، والشخص قد لا يكتشف قدرات نفسه إلا عندما يقع في مهاوي الانسحاق، ويكون الألم موقضاً لشيء من مخبوئات النفس وقدراتها، وأما الشق النظري وهو أمر لافت للانتباه أن مترجم هذه الرواية (أحمد الوزيري) اجتهد كثيراً في محاولة التدليل على مقاصد ديستوفسكي من بعض الكلمات المبهمة في الرواية، وغالباً ما يرجعها إلى مراجع معينة، ويدل أن ديستوفسكي قارئ نهم مطلع على الكثير من الأطروحات الفلسفية والأدبية وغيرها، أي أن هذا الشخص لم يصل إلى هذه القامة إلا بعد تجربة حياتية مريرة وإطلاع موسع على جملة من العلوم، فترى هذا وتتأمل حال بعض مؤلفي الروايات المستجدة الذين لا يملكون من الحصيلة الثقافية سوى قراءة روايات سطحية!!


تلخيص | أحمد عيد




Share

Suggestions

Back to Top