الرئيسية / السينما / 27162 مشاهدة27 مايو 2018

نظرية تأثير الفراشة Butterfly effect أو ما يعرف بنظرية الفوضى !! - STJEGYPT




نظرية تأثير الفراشة Butterfly effect أو ما يعرف بنظرية الفوضى !! - STJEGYPT
تأثير الفراشة!!!
Butterfly Effect

إنها نظرية لا تُشبه أية نظرية أُخرى قرأتَ عنها، إنها الصيغة المدهشة لكوننا والضربة الأقوى للقائلين بالحتمية، إنها تأثير الفراشة أو نظرية الفوضي أو الشواش أو الكايوس Chaos.

ونظرية تأثير الفراشة تعني أن رفة جناح فراشة فوق أحد سهول سيبريا قد تؤدي إلى أعاصير مدمرة بأمريكا؛ فتغيرات أولية طفيفة تقلب النتائج رأسًا على عقب.
قد يبدو الأمر مبالغًا فيه، ولكنَّه منطقي وعلمي فأحداث صغيرة من شأنها أنْ تنتج كوارثَ كبيرةً غير متوقعة.

تبدأ نظرية تأثير الفراشة من الحدود التي يتوقف عندها العلم التقليدي ويعجز، فمنذ شرع العلم في حل ألغاز الكون، عانى دومًا من اللامُتوقع والمفاجآت التي تقلب الطاولة، وفي سبعينيات القرن الماضي تألفت كوكبة من علماء الفيزياء والرياضيات والأحياء والكيمياء ووضعت نصب أعينها تحليل مُعطيات نظرية تأثير الفراشة وكانت النتيجة أن اللامتوقع هو مبدأ كوني، وأصبحت نظرية الكايوس هي الثورة العلمية الثالثة الكبرى في القرن العشرين- بعد ثورتي النظرية النسبية والنظرية الكمومية --- -Quantum Mechanics-

ومنذ بدايات القرن العشرين لاحظ فيزيائيو الكوانتم Quantum Mechanics أن فهم قوانين الطبيعة عبر فيزياء الجسيمات، لا يحمل الإجابة الكاملة لتصرفات تلك الجسيمات، وتجلت ضرورة ظهور علم جديد لسدة الثغرة بين الحسابات والنتائج، فكان الكايوس Chaos، الذي راج أولاً في أوساط خبراء الطقس عبر جملة" أثر جناح الفراشة".

وكان عالم المناخ إدوارد لورينز Edward Lorenz من أوائل الذين اشتغلوا على هذه النظرية بدءًا من عام 1962عبر استنتاجاته لأحوال الطقس التي تحمل نكهة اللاتوقع باستمرار بما تعجز عن ضبطه لغة الإحصاءات والحسابات، وكان لورينز يظن في البداية أن كل شيء حوله يدور بحتمية نيوتينية The inevitability of Newton - الحتمية النيوتينية هي ذلك التصور الكوني الذي يقتضي أنه يكفي فهم القوانين لكي تستوعب العالم، فالعالم طبقًا لهذا المفهوم هو عالم يسير على طريق محتم ومرسوم بدقة وهو ما يُسمى أيضًا بحتمية لابلاس The inevitability of Laplace-، وبدا أن هذا التصور الحتمي للوجود مجرد وهم لا أكثر، وباتت فكرة الحتمية في وضع المنهار، فطبقًا للنظرية الجديدة فإن ثورة بركان في نجم بأحد المجرات، يمكن أن يؤثر على حسابات حركة كرة البلياردو في أحد صالات اللعب، هكذا أصبحت الدقة التقريبية التي يقوم عليها العلم الحديث في جميع حساباته يمكن أن تنهار في أي لحظة.

إن سقوط ورقة شجر يُفترض ألا يؤدي إلى عواصف وأعاصير في دولة أُخرى، لكن التجربة مع نظام المعادلات في كمبيوتر الطقس الذي اخترعه إدوارد لورينز أثبتت أن سقوط ورقة الشجر يمكن أن تؤدي إلى نتائج كارثية، وأحس لورنز بفرحة عارمة لهذه المعطيات لأن شيئًا ما خرج عن التفكير النمطي وفلسفته وهذا يعني ميلاد نظرية جديدة، وبالفعل كانت هذه النظرية هي الفوضى أو الشواش.

إن أقل متغير أولي كان يضيفه لورينز على برنامج الطقس في حاسوبه، يؤدي إلى فيضانات في الصحراء وأعاصير في قلب عواصم العالم، وهكذا أدرك لورنز أن العلم أمام ثورة جديدة.

وفي الواقع فإن حسابات هنري بوانكريه Henri Poincaré آخر عمالقة علم الرياضيات ممن يستطيعون صوغ خيال هندسي عن قوانين الحركة في الفيزياء تنبأت بظهور نظرية الفوضى حيث تضمنت كتاباته إشارات كثيرة إلى استحالة التنبؤ على المدى الطويل بالنسبة لنظم تغيرات المعطيات الأولية.
إذ لم يعد مُمكنًا حساب كل شيء بالورقة والقلم فمع أقل متغير يمكن أن ينهار كل شيء.

تَعبر نظرية الفوضى الإختصاصات العلمية وصولاً إلى تحليل الظواهر الإجتماعية نفسها، فلا تقتصر على التأثير المادي المجرد على الظواهر الطبيعية أو الكونية بل تمتد للحياة العادية للإنسان، ويمكن تقصى فكرة تأثير الفراشة من أغنية شعبية أمريكية تقول:
بسبب مسمار سقطت حدوة الحصان.
وبسبب الحدوة تعثر الحصان.
وبسبب الحصان ُفقد الفارس.
وبسس الفارس خسرنا المعركة.
وبسبب المعركة سقطت المملكة.

فالإعتماد الحساس على الأوضاع الأولية يقلب كل شيء بعد ذلك، ويمكن تقريب المسألة على واقعنا الإجتماعي كالتالي:
محمد البوعزيزي يقوم بإحراق نفسه في تونس- مثال على رفة جناح الفراشة-، بعدها ثورات تكتسح البلاد العربية وسقوط آلاف القتلى والجرحى- مثال على إعصار في منطقة آخرى من العالم-.

مقتل ولي عهد النمسا في سراييفو، بعدها بشهور قيام الحرب العالمية الأولى ومقتل2% من سكان العالم.

مشكلة في فرامل أحدث موديلات المرسيدس، بعدها بشهور انهيار الإقتصاد العالمي وتشريد عشرات الملايين.

فلم يعد تأثير الفراشة قاصرًا على الحقل العلمي بل تجاوز ذلك إلى تحليل الكثير من الظواهر الإجتماعية والسياسية، وأضحت النظرية أحد أكبر قضايا العلم الحديث وكُتبت فيها آلاف الكتب، وتُعيد الآن صياغة رؤيتنا للوجود بأسره.

قد يظن البعض أن تأثير الفراشة هو مجرد تغيرات أولية في المعطيات تؤدي إلى تغير في النتائج، وهذا تصور سطحي في فهم النظرية لأن تلك الصياغة معروفة منذ زمن نيوتنIsaac Newton فيما يعرف بالمدار الثالث متعذر التنبؤ، لكن نظرية تأثير الفراشة يمكن تمثيلها بكرة متدحرجة على جبل، والتغيرات الأولية هي ما يحدث أثناء التدحرج حيث تكون متعذرة التنبؤ بالنتائج، وحين تصل إلى قمة الجبل وتتدحرج من الناحية المقابلة حينها تنقلب كل المعطيات وكل النتائج المتوقعة ويصبح التوقع مستحيلاً، هذا هو تأثير الفراشة المقصود؛ فالشواش متعلق بوصول الكرة إلى قمة الجبل والتي يمكن أن تصل لها في أي لحظة حيث التغير المفاجيء في مسار الكرة في اتجاه آخر تمامًا، وهنا تنهار كل المعطيات العلمية ونعود للصفر توقع .

فعلميًا التنبؤ بالمتغير الأولي قبل وقوعه بعيد sensitive dependency on initial conditionورصده بعد الوقوع صعب، وفي حال الرصد من المستحيل التنبؤ بالنتائج المترتبة على هذا المتغير، هذا هو الشواش، فالقضية لم تعد رصدية ولم يعد الكون نيوتينيًا.
إذن نظرية الفوضى ليست فجوة معرفية أو قصور علمي كما قد يتبادر إلى الذهن، وإنما هي أصل أصيل من معطيات عالمنا وطبيعته؛ فمعرفة النتائج بحتمية، اليقين المعرفي، التسليم للمعطيات، الرصد الكلي؛ كل هذه الأمور أصبحت أوهامًا وعاد الإنسان إلى شاطيء البحر يلعب مرةً أخرى على الرمال ويرسم ويحلم فلم يعد يملك غير ذلك!
ولذا قال رب الفراش ورب العالمين{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} ﴿٥٩﴾ سورة الأنعام، فسقوط ورقة شجر قد يُسقط مملكة ويُنهي حضارة؛ فلابد من ضبط كلي خارجي وإلا لانهار كل شيء قبل أن يبدأ، فالمدبر والفاعل الأوحد والمهيمن على كل شيء وعلى كل التوقعات هو الله، وقرارك الذي تتخذه يُغير كل شيء في الوجود، وهكذا يُعاد تشكيل المصائر والنتائج وكل شيء حولك في كل لحظة طبقًا لقرار أنت تتخذه أو قيمة تُقدمها لهذا العالم أو خطأ ترتكبه، والله وحده هو المهيمن وهو ضابط الكل وهو القيوم على السماوات والأرض وهو الذي يمسك السماوات والارض أن تزولا لأن زوالهما احتمال شواشي كاوسي قائم في كل لحظة.
ومعصية واحدة تُغير كل شيء حولك وتُغير صورة الوجود بأكمله، ومنَّ الرائعَ حقًّا أن نستشعر هنا أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

د. هيثم طلعت

ماتنساش تشوف الفيديو ده



Share

Suggestions

Back to Top