في هذه الحلقة العميقة من بودكاست شنو القصة، يستضيف مهند مجيد المفكر العالمي مو جودت (Mo Gawdat) في حديث صادق ومُلهم حول الهدف من الحياة، ولماذا يعيش معظم الناس سنوات طويلة دون أن يجدوا إجابة لهذا السؤال الجوهري.
يبدأ مو جودت حديثه بتجربة شخصية مؤثرة حين فقد ابنه “علي”، وهي الحادثة التي أعادت تشكيل نظرته إلى الوجود، ودفعته للتأمل في معنى الحياة والموت والسعادة. يقول مو:
“كنا نظن أن الهدف من الحياة هو السعادة، لكني اكتشفت أن الهدف هو الفهم… أن نفهم أنفسنا والعالم من حولنا.”
يرى جودت أن الحياة ليست سباقًا نحو إنجازات مادية، بل رحلة وعي، هدفها الأسمى هو اكتشاف الذات وإدراك القيم التي تمنح الوجود معناه. فبدلًا من سؤال “ما الذي أريد تحقيقه؟”، يقترح أن نسأل: “من أريد أن أكون؟”.
يتحدث مو أيضًا عن فلسفة الرواقية التي أثرت كثيرًا في مسيرته الفكرية، موضحًا أن السعادة لا تأتي من السيطرة على العالم، بل من التحكم في ردود أفعالنا تجاهه. فالحياة بطبيعتها غير عادلة، لكننا نملك حرية الاختيار في كيفية التعامل معها.
ويضيف أن الهدف الحقيقي من الحياة ليس في البحث عن المتعة أو تجنب الألم، بل في فهم الدروس التي تحملها كل تجربة. عندما نتعامل مع المواقف الصعبة باعتبارها فرصًا للنمو، يتحول الألم إلى أداة للتطور، ويصبح الوعي هو الطريق إلى السلام الداخلي.
في حديثه مع مهند مجيد، يناقش مو جودت أيضًا علاقة الذكاء الاصطناعي بالحياة الإنسانية، وكيف يمكن أن يساعد الإنسان على اكتشاف المعنى الأعمق لوجوده، إذا استخدمناه بحكمة. لكنه يحذر من أن التكنولوجيا، مهما تطورت، لا يمكن أن تمنحنا هدفًا للحياة، لأن هذا الهدف لا يُولد من الخارج، بل من داخل التجربة الإنسانية ذاتها.
ويؤكد أن البحث عن الهدف لا يعني دائمًا وجود إجابة واحدة واضحة، فالحياة كما يقول “ليست معادلة رياضية، بل موسيقى”. قد لا نفهم كل نغمة في حينها، لكن في النهاية كل صوت، وكل لحظة، تصنع المعنى الكلي.
من النقاط التي توقف عندها المستمعون في الحلقة قوله:
“عندما تعرف هدفك من الحياة، يتوقف كل شيء آخر عن السيطرة عليك، لأنك تصبح أنت من يقود الرحلة.”
ويشير مو إلى أن أجمل ما في رحلة الحياة هو أن الهدف ليس شيئًا نصل إليه، بل حالة نعيشها. فربما الهدف هو أن نحب بصدق، أو نُلهِم الآخرين، أو نترك أثرًا جميلًا في قلوب من حولنا.
في ختام الحلقة، يدعو مو جودت المستمعين إلى التأمل في سؤال بسيط لكنه جوهري:
“لو رحلت اليوم، هل ستشعر أنك عشت الحياة التي أردت؟”
إنها دعوة لإعادة النظر في أولوياتنا، وإدراك أن المعنى الحقيقي لا يُقاس بما نملك، بل بما نمنح. فالحياة لا تنتظرنا لنستعد، هي تمضي — وكل لحظة وعي فيها هي هدية تستحق التقدير.
حلقة “ما هو هدفك من الحياة؟” من بودكاست شنو القصة؟ ليست مجرد حوار، بل تجربة فكرية وروحية تدفع المستمع إلى الغوص في أعماق ذاته، وفهم علاقته بالعالم والوجود من منظور جديد، عميق، وبسيط في آنٍ واحد.