كيف تراقب أفكارك؟ | بودكاست شنو القصة؟ مع مو جودت – رحلة الوعي والسيطرة على الذات

كيف تراقب أفكارك؟ | بودكاست شنو القصة؟ مع مو جودت – رحلة الوعي والسيطرة على الذات

في هذا الحوار العميق من بودكاست شنو القصة؟ مع مهند مجيد، يستضيف الكاتب والمفكر مو جودت – أحد أبرز العقول التي تتحدث عن السعادة والوعي الذاتي في العالم اليوم – ليخوضا معًا رحلة فكرية حول سؤالٍ جوهري: كيف يمكننا مراقبة أفكارنا والتحكم بها بدل أن نُستَعبَد لها؟

الحوار يأخذ المستمع في رحلة نحو داخل النفس، نحو ذلك العالم الخفي الذي لا يراه أحد، لكنه يوجّه كل قراراتنا، مشاعرنا، وحتى سعادتنا.

يبدأ مو جودت بالحديث عن قوة الأفكار، مؤكدًا أن العقل البشري يولد آلاف الأفكار يوميًا، لكن أغلبها ليس حقيقيًا أو نابعًا من منطق واعٍ، بل من تجارب سابقة أو مخاوف غير مبررة. هنا يظهر دور الوعي: أن تراقب هذه الأفكار دون أن تصدقها فورًا، ودون أن تسمح لها بالتحكم في حالتك النفسية.

يقول مو جودت:

“العقل يشبه الراديو الذي لا يتوقف عن البث. لكنه ليس أنت، أنت المستمع لهذا البث.”

هذه الجملة تختصر فلسفة الوعي الذاتي التي ينادي بها جودت؛ أن تدرك أن أفكارك ليست أنت، بل مجرد أصوات تمر عبر عقلك، ويمكنك أن تختار أيها تصدّق وأيها تتجاهل.

ثم يتحدث عن أداة فعّالة لمراقبة الأفكار وهي التأمل الواعي (Mindfulness)، الذي يدرب الإنسان على مراقبة ما يدور في ذهنه من دون إصدار أحكام. فحين تلاحظ فكرة سلبية مثل “لن أنجح”، لا تحاربها ولا تصدقها، فقط راقبها واسمح لها أن تمر. ومع الوقت، يبدأ العقل بالتوازن ويقلّ تأثير تلك الأفكار السلبية.

كما يناقش مو جودت فكرة أن المعاناة ليست في الأحداث، بل في طريقة تفكيرنا حولها. فحين يحدث أمر سيء، يضيف العقل عليه سلسلة من الأفكار السلبية مثل “أنا فاشل” أو “الحياة غير عادلة”، وهنا تبدأ المعاناة. بينما لو راقبنا هذه الأفكار دون أن نغرق فيها، سنكتشف أن الحدث ذاته لم يكن مؤلمًا، بل تفسيرنا له هو ما جعلنا نتألم.

يستكمل مهند مجيد الحوار بسؤال عميق: “هل يمكن للإنسان أن يتحكم بشكل كامل في أفكاره؟”
فيرد مو جودت بأن السيطرة الكاملة غير ممكنة، لأن التفكير وظيفة طبيعية للعقل. لكن ما يمكننا فعله هو اختيار الاستجابة. العقل سيستمر في توليد الأفكار، ولكنك أنت من يقرر أيها يعيش وأيها يزول.

ويضيف: “الأفكار مثل الزوار في بيتك. البعض منهم مرحب به، والبعض يجب أن تدعه يغادر دون جدال.”

يُذكّر جودت أيضًا بأن مراقبة الأفكار لا تعني القسوة على الذات. فالهدف ليس أن نحاسب أنفسنا على كل فكرة سلبية، بل أن نفهمها ونرى ما وراءها. أحيانًا، الفكرة السلبية ليست سوى إشارة من الخوف أو الألم تحتاج إلى فهم، لا إلى قمع.

الحوار لا يتوقف عند الجانب الفلسفي فقط، بل يتطرق أيضًا إلى تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على وعينا. فمع تدفق المعلومات المستمر، أصبح من السهل أن تغرق عقولنا في الضجيج، وأن نفقد القدرة على التمييز بين ما نفكر به فعلاً، وما يُزرع فينا من الخارج.
يقول جودت إن مراقبة الأفكار في هذا العصر الرقمي أصبحت ضرورة، وليست رفاهية. لأن من لا يراقب أفكاره اليوم، سيتحول إلى منتَج في عالم تُباع فيه الانتباهات.

وفي ختام الحلقة، يقدم مو جودت نصيحة عميقة للمستمعين:

“ابدأ بملاحظة أول فكرة تخطر ببالك كل صباح، وآخر فكرة قبل أن تنام. لأن بين هاتين الفكرتين يعيش وعيك، وهناك تكمن حياتك الحقيقية.”

حلقة كيف تراقب أفكارك؟ ليست مجرد نقاش فلسفي، بل دعوة إلى تأمل الذات وفهم آلية التفكير التي تحكمنا كل يوم. إنها تذكير بأن الإنسان قادر على العيش بسلام داخلي، إذا بدأ أولاً بمراقبة ما يدور في ذهنه بصدق وهدوء.

فحين نتعلم كيف نرى أفكارنا من الخارج، نكتشف أننا لسنا أسرى لها، بل أحرار في اختيارها. وهنا تبدأ الحرية الحقيقية.