صناعة الموسيقى واللون المختلف في رحلة علي نجم | بودكاست شنو القصة؟ مع مهند مجيد

صناعة الموسيقى واللون المختلف في رحلة علي نجم | بودكاست شنو القصة؟ مع مهند مجيد

في حلقة فريدة من بودكاست شنو القصة؟، يستضيف الإعلامي مهند مجيد الفنان علي نجم، الذي نجح في أن يصنع لنفسه هوية موسيقية مميزة تمزج بين التراث العراقي الأصيل والحداثة الموسيقية المعاصرة. هذه الحلقة ليست مجرد حديث فني، بل رحلة داخل عقل موسيقي يبحث عن التفرّد، وعن معنى أن تكون مختلفًا في عالمٍ يزدحم بالأصوات المتشابهة.

يبدأ الحوار بسؤال محوري: ما الذي يجعل موسيقى علي نجم مختلفة؟
يجيب الفنان بأن سر التميز ليس فقط في الصوت أو الكلمات، بل في الرؤية التي تقف وراء العمل. فكل أغنية لديه هي تجربة شخصية، تحمل إحساسًا صادقًا، وتعكس مزيجًا من الهوية العراقية والذوق الموسيقي العالمي.

يتحدث علي نجم عن نشأته في بيئة مليئة بالموسيقى الشعبية القديمة، وعن كيف أثرت أغاني المقام العراقي في ذوقه الفني، لكنها لم تكن كافية بالنسبة له. كان يريد أن يضيف شيئًا جديدًا، أن يصنع موسيقى "تشبهه"، تجمع بين الحنين القديم والطابع العصري. وهكذا بدأ مشروعه الفني الذي أطلق عليه البعض لقب “اللون المختلف”.

يشرح نجم أن “اللون المختلف” ليس مجرد أسلوب غنائي، بل فلسفة فنية تقوم على المزج بين الأصالة والتجريب. فهو لا يخشى استخدام أدوات إلكترونية في لحن تراثي، ولا يتردد في إدخال إيقاعات غربية على كلمات عربية بلهجة عراقية. يقول:

“الموسيقى الحقيقية ما تعرف حدود، وما تخاف من التطوير، المهم تبقى صادقة.”

يعود الحوار ليتناول عملية الإبداع الموسيقي (البروسس) لدى علي نجم، وهي مرحلة دقيقة يصفها بأنها “حالة وجدانية قبل أن تكون تقنية”. يبدأ كل عمل بلحظة إحساس — موقف، فكرة، أو حتى مشهد من الحياة اليومية — ثم يتحول هذا الإحساس إلى لحن أولي، يطوره بالتعاون مع فريق من العازفين والموزعين الذين يفهمون لغته الموسيقية الخاصة.

ويضيف: “أول ما أبدأ مشروع أغنية جديدة، أسأل نفسي سؤال واحد: هل راح يحسّ المستمع بشيء؟ إذا الجواب لا، أوقف.”
هذه الصراحة العاطفية في التعامل مع الفن جعلت موسيقى علي نجم قريبة من القلب، يشعر بها المستمع كأنها تحكي جزءًا من قصته.

يتحدث الفنان أيضًا عن أغنية "قريش بابا"، التي حققت انتشارًا واسعًا بسبب طرافتها واختلافها في الشكل والمضمون. الأغنية جمعت بين اللهجة البغدادية المحبوبة والإيقاع الشعبي الحيوي، ما جعلها تتجاوز الحدود الجغرافية وتصل إلى جمهور عربي واسع.
يقول علي نجم:

“قريش بابا كانت تجربة فيها مغامرة، كنت حاب أرجّع البساطة للموسيقى، وأضحك الناس من القلب.”

في هذا الجزء من الحلقة، يناقش مهند مجيد مع ضيفه فكرة التوازن بين الفن الجماهيري والفن النخبوي. هل يسعى علي نجم لإرضاء الجمهور أم لإرضاء نفسه أولاً؟
فيرد قائلاً:

“أنا أؤمن أن الجمهور ذكي، يفهم لما العمل يكون صادق. ما أفكر أعمل أغنية بس لأنها ‘ترند’، لكن لما الناس تحب شي أنا حبيته، هذا نجاح مضاعف.”

الحلقة تسلط الضوء أيضًا على واقع صناعة الموسيقى في العالم العربي، والتحديات التي يواجهها الفنان المستقل في ظل هيمنة الإنتاج التجاري. يتحدث نجم بصراحة عن صعوبة إيجاد دعم للمشاريع الموسيقية التي لا تتبع النمط السائد، لكنه يؤكد أن الإبداع الحقيقي يولد من التحدي.

كما يناقش الثنائي تأثير الذكاء الاصطناعي على الموسيقى، وهل يمكن للآلة أن تحل مكان الفنان في المستقبل. يرى علي نجم أن التكنولوجيا أداة مفيدة، لكنها لا تستطيع أن “تشعر” مثل الإنسان. يقول:

“الآلة ممكن تركب لحن، لكن ما تقدر توصل إحساس. الفن في النهاية إحساس قبل أي شيء.”

ويختم الحوار برسالة ملهمة لكل فنان شاب:

“إذا تبغى تكون مختلف، لازم تكون صادق مع نفسك. لا تقلد أحد، ولا تخاف من التجريب. لأن الناس ما تبحث عن نسخة ثانية، تبحث عنك أنت.”

حلقة “صناعة الموسيقى واللون المختلف” من بودكاست شنو القصة؟ هي واحدة من تلك الحوارات التي تُذكّرك بأن الفن الحقيقي يبدأ من الإحساس وينتهي عند الصدق. بين التراث والحداثة، بين القلب والعقل، يقف علي نجم كمثال للفنان الذي استطاع أن يخلق لغته الخاصة، ليقول بصوته: أنا مختلف، لأني أنا.