في حلقة مؤثرة من برنامج "يا حرية" على تلفزيون سوريا، تروي لينا وفائي قصتها كمعارضة سورية واجهت قمع النظام منذ الثمانينات، حيث تعرضت للاعتقال دون أي محاكمة نتيجة معارضتها للديكتاتورية والاستبداد. الحلقة التي تحتوي على مشاهد تمثيلية تقدم سرداً واقعياً لتجربة ما بعد المعتقل، والتي تصفها لينا بأنها أكثر قسوة وتأثيراً من الاعتقال نفسه.
لينا وفائي عاشت سنوات من الانتهاكات داخل السجون السورية، حيث كان المعتقلون يعيشون بين الخوف والتعذيب النفسي والجسدي المستمر. لكنها تشير إلى أن التجربة الأشد تأثيراً لم تكن داخل الزنازين، بل بعد الخروج من السجن، حين واجهت تحديات إعادة الاندماج في المجتمع، وصعوبات التعامل مع آثار الصدمات النفسية والجسدية، والوصم الاجتماعي المرتبط بالمعتقلين السياسيين.
الحلقة تبرز أيضاً كيف أن المجتمع لم يكن مستعداً لاستقبال الضحايا، إذ بقي الكثير منهم يعاني من الوحدة والانعزال، ومحاولات نسيان الماضي لم تكن سهلة. تجربة ما بعد المعتقل تضمنت مواجهة ذكريات الألم والخوف، ومحاولات إعادة بناء الحياة من جديد، وهي مرحلة صعبة تتطلب صموداً أكبر من صمود الزنزانة نفسها.
البرنامج يستخدم مشاهد تمثيلية لإظهار بعض اللحظات المفصلية في حياة لينا بعد الاعتقال، مثل التعامل مع المجتمع والأسرة، ومواجهة الصدمات النفسية المستمرة، وكذلك الضغط الذي تمارسه السلطات على الناجين لإخفاء التجارب والانتهاكات التي تعرضوا لها. هذه المشاهد تساعد المشاهد على فهم حجم المعاناة التي تستمر بعد الخروج من السجن، وتبرز الجانب الإنساني والنفسي لتجربة الاعتقال.
إخراج الحلقة قام به شادي خدام مع إعداد وحوار سعاد قطناني، حيث ركزوا على التوازن بين سرد التجربة الشخصية والبعد الدرامي الذي يعكس الواقع النفسي والاجتماعي للمعارضين السابقين. الحلقة لا تكتفي بسرد الأحداث، بل تعطي مساحة للمشاهد للشعور بضغط ما بعد السجن، وتأثيره المستمر على حياة الضحايا.
تجربة لينا وفائي تمثل شهادة على أن الاعتقال السياسي لا ينتهي بانتهاء فترة السجن، وأن أثر القمع يمتد لسنوات طويلة بعد التحرر الجسدي. قصتها تبرز أهمية الدعم النفسي والاجتماعي للناجين، وأهمية الاعتراف بالانتهاكات التي تعرضوا لها، لضمان حقوقهم ولمنع تكرار التجارب نفسها.
حلقة "كتبتله لعدنان" في برنامج "يا حرية" تقدم درساً مهماً عن أثر الاستبداد على الفرد والمجتمع، وعن صمود النساء والرجال الذين دفعوا ثمن الدفاع عن الحرية والمواطنة. لينا وفائي ليست مجرد ضحية للنظام، بل نموذج لقوة الإنسان في مواجهة الظلم، وإصراره على إعادة بناء الحياة رغم كل الصعوبات والتحديات التي تفرضها التجربة بعد الاعتقال.